تشكل وسائل التواصل الاجتماعي اليوم الوسيلة الرئيسية التي يستقي منها معظمنا معلوماته. ويدفعنا هذا للتساؤل عن مستقبل النشر في عالم رقمي وفائق السرعة، وكيف يمكن للناشرين التكيف مع المتغيرات والتفكير في أساليب عرض معلومات لمتلقينَ يريدونها أكثر اختصارًا وسهولة للاستهلاك.

يحدد عمر المتلقي الطريقة التي يستقبل بها المعلومات، والكيفية التي تعرض بها عليه. وتختلف الصيغ بين الرقمي والمطبوع، والمرئي والمسموع. ولن يتغير هذا مستقبلًا، بل المحتوى هو الذي سيتغير، ليصبح أقصر وأسرع في الوصول للمتلقي.

ونشهد اليوم، كما لم يسبق في التاريخ، شيوعًا في المعلومة، وسهولة في الوصول إليها، إذ يكفي نقرة زر واحدة ليندفع نحوك سيل من المعلومات. وترتب عن ذلك الحاجة إلى إنشاء المزيد من المحتوى، حيث أصبح استهلاك المعلومات والمعرفة يتم بشراهة لدرجة أنه يبدو دائمًا أن هناك حاجة إلى مزيد من المعلومات والأخبار والمقالات المبتكرة.

وهذا يعني أن طريقة عرض المعلومة هي ما سيحدد مستقبل عالم النشر، وسيتحول إلى عملية أكثر رشاقة وخفة، تقدم من خلالها المعلومة وآخر الأبحاث وما توصل له العقل البشري بشكل أكثر إيجازًا، من خلال الطباعة الرقمية، أو المحتوى الصوتي والمرئي.

ولأن تحديد متلقي المعلومة يختلف من شريحة عمرية إلى أخرى، نحاول هنا أن نلقي نظرة على الشرائح العمرية المختلفة:

يوضح مركز بيو للأبحاث ( Pew Research Center) أن تحديد الأجيال قائم على تقسيمها إلى مجموعات من الأشخاص المولودين في فترة تمتد من 15 إلى 20 عامًا. والهدف من هذا التقسيم هو تحديد التغيرات التي تطرأ على الناس عبر فترات زمنية. "يوفر هذا طريقة لفهم كيفية تفاعل الخبرات التكوينية المختلفة مع دورة الحياة وعملية الشيخوخة لتشكيل نظرة الناس إلى العالم".

لذلك، نجد من جيل طفرة المواليد (من مواليد 1946 إلى 1964) إلى جيل X (من 1965 إلى 1980) إلى جيل الألفية أو الجيلY (1981 إلى 1996) إلى الجيلZ  (من 1997 إلى 2012) والجيل ألفا الناشئ حديثًا (2012 إلى 2024)، الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم اليوم يتواصلون في ظل علاقة الأجيال الذين يولدون في نفس الفترة الزمنية. إنهم يدفعون صناعة النشر نحو تقديم المعلومة على غرار وسائل الإعلام الرقمية والاجتماعية والابتعاد عن أسلوب التقارير المطولة. يجب أن تكون المنشورات مختصرة؛ بمعنى آخر يمكن توصيلها بالصوت والفيديو والطباعة والرقمية في نفس الوقت.

إذن كيف يجد جيل طفرة المواليد أخبارهم وكيف يؤثر ذلك على صناعة النشر؟

وفقًا لبحوث مركز بيو، فإن جيل طفرة المواليد هو أي شخص ولد بين عامي 1946 و1964. جيل طفرة المواليد هم جيل الأشخاص الذين ولدوا بعد الحرب العالمية الثانية وما زالوا يحبون التقاط  صحيفة أو مجلة وقراءة المطبوعات. ويستخدم الكثيرون منهم غوغل والإنترنت للتسوق والعثور على المعلومات، لكن الغالبية لا تزال ترغب في شراء المنتجات فعليًا والحصول على المعلومات من المصادر المطبوعة مثل:الكتب،والمجلات،والتلفزيون، والصحف. ويستهلك هذا الجيل المطبوعات بالطريقة التقليدية المعمول بها.

الجيل التاليهو الجيل X، وفقًا لأبحاث بريسفورديشمل هذا الجيل أي شخص ولد بين عامي 1965 و1980. الجيل X هو الجيل الذي يتبع جيل طفرة المواليد. وفقًا لموسوعة بريتانيكا، يوصف أبناء الجيل X بأنهم "واسعو الحيلة ومستقلون وحريصون على الحفاظ على التوازن بين العمل والحياة".

يستخدم هذا الجيل رسائل البريد الإلكتروني، والإنترنت، وبعض المطبوعات، وأحيانًا التلفاز، والكثير من الفايسبووك، وبعض الأنستغرام، لتلقي معلوماتهم المنشورة، ولا يزالون يقرؤون الكتب!

ماذا عن جيل الألفية؟

وُلد جيل الألفية، المعروف أيضًا باسم جيل Y، بين عامي 1981 و 1996، وفقًا لأبحاث بيريسفورد. هذا الجيل هو الجيل المتمرد. وهو جيل يحافظ على معلوماته الخاصة، ويستهلكفي الغالب الإنترنت والوسائط الرقمية، ويستخدمون بشكل كبير الأنستغرام والفايسبووك والتيكتوك للحصول على أخبارهم. وهمجيدون في البحث، فهم سريعون في تبني اتجاهات جديدة!

يتورط متوسط جيل الألفية في ديون الرهن العقاري مع ارتفاع أسعار المنازل وأسعار الفائدة، لذا فهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر حرصًا في الإنفاق على الاشتراكات والمواد المطبوعة! علاوة على ذلك، كثيرًا ما يجلسون في منازلهمويستخدمون أجهزة الكمبيوترالخاصة بهم لقراءة المقالات أو طلب الشراء عبر الإنترنت! وبذلك، يدفع جيل الألفية عمالقة النشر إلى توظيفصحفيين أكفاء يعملونمن منازلهم أو يسافرون حاملين أجهزة الكمبيوتر لتنسيق موادهم المنشورة!

وُلد أعضاء الجيل Z، وفقًا لبحوث بيريسفورد، بين عامي 1997 و 2012. ويتوقع أبناء الجيل Z، المتفانين في العمل، أن يتقاعدوا مع بلوغهم الثالثة والستين، ولكنهم "يقللون من مقدار المال الذي سيحتاجونه للعيش" وفقًا لإيفان هيشت، من صحيفة الولايات المتحدة اليوم. ويستهلك الجيل Zالمعلومات بشكل مختصر، من خلال الرسائل النصية أو التواصل عبر الواتساب، فهم مستعدون دائمًا لالتقاط هواتفهم للرد على مكالمة مباشرة! إنهم ينفقون الأموال على الخبرات في الطبيعة ويميلون إلى ممارسة الرياضات الخارجية أكثر من أي جيل سابق في سنهم.

الجيل Z هو جيل السناب شات، والتيكتوك، والأنستغرام، والوتساب، والفايسبووك، الجيل الذي لا يكاد يستخدم أي أخبار مطبوعة أو تلفزيونية للمعلومات المنشورة. تقريبا كل شيء عبر الإنترنت! إنهم يقللون بشكل كبير من أرباح عالم النشر المطبوع!

أخيرًا، ما هو الجيل الحالي وكيف يؤثر على مستقبل صناعة النشر؟

من الملاحظ أن مهارات الكتابة اليدوية لهذا الجيل رديئة للغاية حيث لا يوجد أي استخدام عمليًا للكتابة اليدوية في عالمهم، ويمتلكون سعة اطلاع بوسائل التواصل الاجتماعي، ولا يستخدمونالصحف أو المجلات أو التلفزيون. إنهم يستهلكون المعلومات المختصرة، لكنهم يقضون ساعات في الدردشة على الهاتف! إنه تناقض لم يُفهم بعد. هم جيل التيكتوك، أنستغرام، أمازون وسناب شات. إنهم يعتقدون أن سلاسل التطبيقات هي عمل روتيني للقراءة وكلما زاد عدد التطبيقات على هواتفهم كان ذلك أفضل!

لا يرتبط جيل ألفا بصناعة النشر كما هو الحال منذ 400 عام. إنهم يدفعون صناعة النشر لإنشاء المزيد من المحتوى، ويُنشر رقميًا وعالميًا عبر وسائط متعددة. لديهم القليل من الاستخدام للورق المطبوع وقد استبدلوا جميع المكتبات بمساحات عمل حيث يكون الكمبيوتر المحمول هو كل ما هو مطلوب لإجراء البحث أو التعلم.

في الختام، تبقى الحقيقة أنه على الرغم من أن المعلومات المنشورة مثل الكتب، والمقالات، والقصص، والأخبار، والأحداث العاجلة، ووسائل الإعلام الدينية تُستهلك بشكل مختلف حسب الأعمار المختلفة، فإن عالم النشر أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى، وهو موجود هنا وسيظل! باستثناء صناعة النشر التي ستنشر المزيد والمزيد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الرقمية وقنوات الفيديو. لكن الحاجة إلى تنسيق المعلومات الصحيحة والموثوقة والقيمة ستظل دائمًا براعة صناعة النشر!

 

 

 ميرا غاندي

ترجمة: إكرام صغيري

المصدر: The Times of India