لدينا مجموعة مقالات جديدة في خريف هذا العام، مقالة ماذا يفعل المحررون، حرَّرها بيتر جينا ونشرتها مطبعة جامعة شيكاغو. يسعدني أن أكون مساهمًا فيها، أقدِّم الفصل الأخير من الكتاب حول دور المحرر في هذه الصناعة المتغيرة.

وكما يقول بيتر في المقدمة: "من المفارقات أن النشر-وهو عمل جوهره الكلمات- فيه من المصطلحات ما هو الأكثر مرونة وإرباكًا وتناقضًا من أي صناعة أعرفها.... فلقب محرر هو لقب مضلِّل. ومفهومه الشائع بأنه يصحِّح نص المؤلف ويحسِّنه، ليس سوى جزء يسير مما يفعله محررو الكتب".

يُختصر عمل المحررين بثلاث عبارات: الاقتناء (العثور على الكتاب)، وعملية التحرير، والنشر (إحضار الكتاب إلى القارئ). يناقش سبعة وعشرون شخصًا ممن يعملون في مجال نشر الكتب وظيفة المحررين ويُظهرون مدى أهمية ذلك للكُتَّاب والقرَّاء في كل مكان، يمثل هؤلاء الناشرين الكبار والصغار منهم، ويشمل عملهم نشر الكتب التجارية والكتب المدرسية والأكاديمية وكتب الأطفال.

وكنتيجة لذلك؛ يُعدُّ الكتاب ملاذًا لكل من أولئك المعيَّنين حديثًا في مجال النشر (أو هي مهنتهم بالفعل) ولمن هم خارج نطاق النشر ويسعون إلى فهم هذه المهنة. إنه يُلقي الضوء على كيفية اقتناء المحررين للكتب، وما الذي يشكل علاقة قوية بين المؤلف والمحرر، ودور المحرر في كل مرحلة من مراحل عملية النشر (وهو دور يتعدى ترميز نص المؤلف فحسب). تتعامل هذه المقالات مع التحرير على أنه فن وحرفة، ومهنة أيضًا.

وفيما يلي نظرة موجزة على فصلي:

أكد خبير النشر الألماني رونالد شيلد، في حديثه لمؤتمرCONTEC 2013 في معرض فرانكفورت للكتاب، بعنوان "مستقبل البيانات الوصفية"، على الحاجة إلى التحليل الدلالي، الذي يتعلق بتحديد "المفهوم الأساسي" للكتاب.

تتدنى قيمة نظام التوصيات من غير التحليل الدلالي، على سبيل المثال: لا يبحث القارئ العادي عن الكتب حسب أرقام ردمك أو حجم القطْع، بل حسب الموضوعات، مثل قصص سن الرشد وكتب الإثارة التي تدور أحداثها خلال الحقبة الشيوعية أو غير ذلك من المحاور الفكرية أو العاطفية. ولكن قبل نمو البيع عبر الإنترنت، لم يكن الناشرون يفكرون كثيرًا في هذا النوع من التسويق.

أحد الجوانب الأكثر إثارة في المناقشة هو مدى تأثير البيانات الوصفية على مبيعات الأعمال الأدبية. كان يعتقد الرأي السائد بزيادة المبيعات عندما تكون الكتب مدعومة بالمعلومات، لكن دراسة نيلسن تشير إلى 

الناشرون معلومات محددة ومفصلة عن رواياتهم بدلاً من التسميات العامة والفضفاضة (التي لا تساعد القرّاء)، تقفز المبيعات. على سبيل المثال، ينجذب عدد أكبر من القراء إلى العنوان الموسوم بـ "التشويق التاريخي"، و"القرن التاسع عشر"، و"لندن"، و"البطلة الأنثوية" أكثر من العنوان الذي يحمل عنوان "الغموض".

كانت تجري المناقشات نفسها أيضًا في مجتمع النشر الذاتي، حيث اكتشف المؤلفون أن الدقة في تصنيفاتهم وكلماتهم الرئيسية وأوصافهم الموجزة قد نتج عنها رؤية أفضل وبالتالي مبيعات أفضل.

ماذا تعني هذه التوجهات للمحررين؟ لكي يكونوا أفضل دعاة محتملين لكتبهم، يحتاج المحررون إلى التفكير في هذه الصورة الأشمل خلال مرحلة تطوير الكتاب، بدءًا من مرحلة الاقتناء. لا تُقطف ثمار النجاح بتحصيل جودة عالية فحسب على حساب أمور مهمة أخرى.

لمزيد من المعلومات حول الكتاب تحقَّقْ من هذه المقابلة مع محرِّر المجموعة، بيتر جينا، أو أَلقِ نظرة على الفهرس في أمازون.

 

 جاين فرايدمان

ترجمة: فرح عمران